في ديسمبر من عام 1956، في عمق الكفاح من أجل التحرر الوطني رأت الإذاعة الجزائرية النور "صوت الجزائر المكافحة". كانت مهام هذه الإذاعة التي كانت تبث برامجها على متن شاحنة متنقلة على الحدود الجزائرية المغربية بواسطة جهاز لا سلكي حُوّل إلى جهاز إرسال، الرد على الدعاية الاستعمارية الكاذبة التي كان يُروج لها الإعلام الفرنسي.
في مطلع الاستقلال، تمكن فريق الصحفيين والتقنيين الجزائريين وعلى رأسهم الصحفي المناضل عيسى مسعودي رمز " صوت الجزائر المكافحة " من رفع التحدي عندما نجح في ضمان استمرار البث الإذاعي والتلفزي على إثر انسحاب الموظفين الفرنسيين احتجاجا على إنزال العلم الفرنسي من فوق مبنى الإذاعة والتلفزيون ورفع العلم الجزائري مكانه يوم 28 أكتوبر 1962 عشية أولى الاحتفالات بذكرى اندلاع الثورة التحريرية المجيدة (الفاتح من نوفمبر)، وشكل ذلك تاريخا لبسط السيادة الوطنية على قطاع السمعي البصري في الجزائر.
منذ إخضاعها لوصاية وزارة الإعلام، في عهد الاستقلال، أُسندت لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون مهام الخدمة العمومية، وقد سهرت الإذاعة، بموجب ذلك، على إعداد وبث برامج باللغتين الوطنيتين (العربية والأمازيغية) وكذلك باللغات الأجنبية (الفرنسية، الإنجليزية والإسبانية).
في سنة 1986، شهدت مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الجزائرية إعادة هيكلة تمخضت عنها أربع مؤسسات مستقلة هي المؤسسة الوطنية للإذاعة المسموعة، المؤسسة الوطنية للتلفزيون، المؤسسة الوطنية للبث الإذاعي والتلفزي والمؤسسة الوطنية للإنتاج السمعي البصري.
بتحويلها إلى مؤسسة عمومية ذات طابع تجاري وصناعي بموجب المرسوم التنفيذي رقم 91-102 الصادر بتاريخ 20 أفريل 1991، صارت الإذاعة الجزائرية ملزمة بدفتر أعباء وشروط يتجاوب مع التحولات التي عرفتها الجزائر ومنها مقتضيات الديمقراطية والتعددية.
وهكذا أخذت الإذاعة الجزائرية على عاتقها مهام إعلام المواطنين بكل ما يرتبط بالحياة الوطنية، الجهوية، المحلية والدولية وصار عليها أن تساهم في ترقية الاتصال الاجتماعي وقيم الديمقراطية والتسامح وتعزيز ممارسة التعددية وحماية مقومات الهوية والثقافة الوطنية بكل مكوناتها وتنوعها.
شرعت الإذاعة الجزائرية منذ سنة 1991 في تنويع عرضها البرامجي وتوسيع انتشارها الأثيري وذلك بإقامة شبكة الإذاعات المحلية والقنوات الموضوعاتية لتكتمل تدريجيا منظومتها كما هي عليه الآن بمجموع 55 قناة : 48 إذاعة محلية، 03 قنوات وطنية ناطقة بثلاث لغات (القناة الأولى بالعربية، القناة الثانية بالأمازيغية والقناة الثالثة بالفرنسية) و04 قنوات موضوعاتية (إذاعة القرآن الكريم، الإذاعة الثقافية، إذاعة جيل fm الموجهة للشباب وإذاعة الجزائر الدولية التي تبث برامجها بأربع لغات : العربية، الفرنسية، الإنجليزية والإسبانية).
على المستوى التقني، قامت الإذاعة الجزائرية بعملية واسعة لتجديد وعصرنة وسائل العمل والإنتاج بما يتلاءم مع المقتضيات الحديثة للإعلام الإذاعي، كما قامت برفع تحدي الرقمنة الأمر الذي مكنها من تعزيز منظومتها الإذاعية بإقامة منصة إلكترونية (www.radioalgerie.dz) هي واجهة الإذاعة الجزائرية عبر الشبكة العنكبوتية.
وإدراكا منها بأن التطور الكمي والعرض المتنوع للبرامج لا بد أن يصاحبه تحسين الأداء والتميز من حيث المحتوى، انجزت الإذاعة الجزائرية مركزا للتدريب الإذاعي بتيبازة. يسهر هذا المركز الذي دُشن في أفريل 2012، على ضمان الرسكلة، التكوين والتأهيل في مختلف الاختصاصات والمهن التي يتطلبها العمل الإذاعي.