لقد مرّت القّوات اللبنانيّة، كمجموعة نضالية قاومت كلّ اعتداء على سلامة لبنان ودافعت عن سيادته واستقلاله، بمراحل متعدّدة، حاولت خلالها جاهدة” بلورة مشاريع سياسيّة واستراتيجيّة خاصّة بكلّ مرحلة. فمنذ ولادتها في السبعينات من القرن المنصرم، كإطار جامع لمقاومة الإحتلالات ورفض الوصاية الخارجيّة، أحست القّوات بالأعباء التاريخيّة الملقاة على عاتقها.
خلال هذه الحقبة من الزمن، سقط للمقاومة اللبنانيّة آلاف الشهداء، وهُجّر المناضلون من بيوتهم وأماكن تواجدهم، واضطُهدوا و اعتُقلوا. بإيمانهم وعنادهم وثباتهم وشجاعتهم وتضحياتهم، أسقطوا المؤامرات المدبًرة لشعبهم.
بعدما أدت القّوات اللبنانيّة واجبها في الدفاع عن الأرض والكيان، انتقلت مع قوى أخرى، مسيحيّة وإسلاميّة، حزبية وغير حزبية، للإسهام في قيام الدولة القادرة والقويّة. لقد ساهمت مع شركائها في الوطن في إرساء وثيقة الوفاق الوطنيّ، وتخلّت عن سلاحها، في سبيل إنهاء الحرب و قيام الدولة. وقد دفعت ثمن هذا الخيار غاليا” فكانت مرحلة الظلام وسلطة الوصاية، أُدخِل القوّاتيّون المعتقلات، مُورست بحقهم وسائلُ تعذيبٍ شتّى، استُشهد بعضٌ منهم، نُكًل بعائلاتهم وأهلهم وذويهم ومناصريهم، نُفي العديد منهم، هُدًد من كان يجرؤُ ولو على التّحدث إليهم، كما وأقصوا عن أبسط الوظائف العامّة والخاصّة. غير أن كلّ هذا الظلم الذي مُورِس بحقّهم لم ينل من صمودهم وعنادهم وثباتهم، فكانت إرادتهم الممانِعة والمقاوِمة مدخلا” لخروج الجيش السوري وانتصار لبنان وتحريره عام ٢٠٠٥.
إن حزب القّوات اللبنانيّة اليوم، هو التعبير السياسيّ عن حركة المقاومة اللبنانية منذ نشأتها ، مقاومة وقوة تغيير، يشكّل حاضنة للمبادىء و نظرة الى المستقبل . لقد قام المناضلون بجهد جهيد للحفاظ على لبنان؛ وطنا” لكلّ إنسان، يسمح لمكوّناته المجتمعية ببلورة خياراتها التاريخيّة وصناعة مستقبلها ضمن الإطار الوطنيّ العام.